الاستدلال العقلي على العقيدة -دراسة تأصيلية نقدية مقارنة-
الملخص
ملخص البحث. الاستدلال العقلي على العقيدة أحد القواعد المنهجية للاستدلال عند أهل السنة والجماعة، وقد اشتملت النصوص الشرعية على عددٍ كبيرٍ من الدلالات العقلية على الإلهيات، والنبوات، والمعاد، وهذه الدلالات تُقوِّي الإيمان بما جاءت به النُّصوص، وتُزِيْل الشُّكوك والحيرة من النُّفُوس، والدلالة العقلية على العقيدة ليست مستقلة عن النَّصِّ الشَّرْعي بل هي تبع له، وهي دلالة مُجمَلة وليست تفصيلية، وهي تدُلُّ على وجود الله وربوبيته وألوهيته وكمال صفاته، وتدُلُّ على صدق الرسول وصحة ما جاء به، وبهذا يلزم القبول بكل ما جاء به من الأوامر والنواهي والأخبار ونحوها. وأهدى المناهج الاستدلالية بالعقل: منهج أهل السنة والجماعة، فقد تميَّز بالربانية، والفطرية، والإيمانية، واليقينية، والواقعية، والتأثير والإقناع، والسهولة والوضوح وغيرها من الخصائص، بينما جاء المنهج العقلي الكلامي مُعقداً، وغامضاً، وصعباً، وذا مقدمات طويلة ونحوها من السمات الظاهرة، وجعلوا الاستدلال العقلي غاية لا يمكن الوصول للحق إلا به، وهذا يدُلُّ على صحة منهج أهل السنة، وبطلان مناهج المتكلمين.
وقد تنوَّعَتْ طرق دلالة القرآن العقلية على العقائد، ومنها: الأقيسة العقلية، والتخصيص بعد التعميم، والسبر والتقسيم، والاستدلال بالآثار ونحو ذلك، أما طرق المتكلمين فهي كثيرة منها: قياس الغائب على الشاهد، وإنتاج المقدمات النتائج، والاستدلال بالمتَّفَق عليه على المختَلَف فيه، وما لا دليل عليه يجب نفيه ونحوها.
كما تضمن البحث بيان امتناع المعارض العقلي، فمصدر العقل خلقاً، والنقل وحياً واحد وهو الله تعالى ذكره، ولا يمكن حصول التعارض بينهما، أما المتكلمون فافترضوا إمكان التعارض، وجزموا بتقديم العقل مطلقاً، ثم تخلصوا من إحراج الموقف من النصوص الشرعية بمخرج التأويل وهو تحريف للنصوص والمعاني الشرعية، وسموه تأويلاً لكي يُقْبَل ويَرُوج
بين النَّاس.