الموازنة بين حفظ الدين وحفظ النفس تطبيقات على مسائل إقامة صلاة الجمعة والجماعة وتسوية الصفوف في وباء كورونا
الملخص
الموازنة بين الضروريات الشرعية عند تعارضها من المسالك التي تعين على تقرير الحكم الشرعي، وفي وباء كورونا المستجدّ (Covid 19) ظهرت الحاجة إلى الموازنة بين حفظ الدين وحفظ النفس في مسائل العبادات، واختار البحث منها ثلاث مسائل: إقامة صلاة الجمعة، وصلاة الجماعة، وتسوية الصفوف، لعقد الموازنة فيها بين هاتين الضرورتين، من خلال فصلين: أوّلهما: لتقرير مقتضى الأصل منفردًا لكلٍ من حفظ الدين وحفظ النفس، والآخر: للموازنة بينهما باعتبارات مختلفة.
ولأنّ مشكلة البحث تبرز في تعلّق الموضوع بأعظم عبادة في الإسلام وهي الصلاة، وارتباط الحكم فيه بالسياسة الشرعية الملزمة للناس، وكون الوباء حديث النشأة، والعلم به غير متقرّر على وجهٍ قطعيٍ، فإنّ تحقيق المناط في مقتضى حفظ النفس من هذا الوباء وفق التقرير الطبيّ المعتمد مطلبٌ مهمٌ، والموازنة بينه وبين حفظ الدين في عمود الإسلام (الصلاة) مبنيٌ عليه، وهو ما سعى البحث إلى تحريره.
وانتهى البحث إلى جملة من النتائج، أهمها: التأكيد على أثر إعمال القواعد المقاصديّة في دراسة النوازل المعاصرة، وأهمية تحقيق المناط في مقتضى حفظ النفس المؤثّر في أحكام الصلاة، وأنّ الموازنة بين الضروريات الشرعية الخمس من المسالك المهمّة في تقرير الأحكام، وأنّ الاقتصارَ في الترجيح على وجهٍ دون سائر الأوجُه قصورٌ، كما أنّ طردَ الحكم (زمانًا ومكانًا) المبنيّ على ترجيحٍ قائمٍ على اعتباراتٍ متفاوتةٍ قابلةٍ للتغيُّر المتكرّر طردٌ لا يحقّق المقصد الشرعي، بل يتعيّن معاودة النظر والموازنة عند تغيُّر المناط المؤثّر في تلك الاعتبارات، ولذلك كان التفاوُت بين المناطق في حكم إيقاف الجمعة أو الجماعة أو التباعُد بين صفوف المصلين في المساجد هو المتعيّن؛ مراعاةً لأثر الترجيح المتفاوت باختلاف مناط الترجيح، وأوصى البحث بدراسة مسائل العبادات الأخرى المتأثرة بهذا الوباء على المنهج نفسه، مثل: صلاة العيد والطواف والعمرة والحج والاعتكاف.