الاشتراك في القياس الجلي عند الأصوليين وآثاره الأصولية
الملخص
ميدان العلل واسع، وباتساعها اتسع القياس تبعاً لها؛ فمنها العلل الواضحة الجلية التي يدركها العقل على البديهة، ومنها العلل متوسطة الخفاء تدرك بأوائل النظر، ومنها علل بعيدة غائرة، لا تدرك إلا بنظر طويل وتبصر واسع؛ فالعلة كالاسم فكما أن الأسماء منها الواضح والخفي فكذا العلل ، وبهذا تنوع القياس، وأضحى الأصوليون يلقبون كل نوع من القياس بحسب تجلي العلة وخفائها؛ فسموا القياس بأسماء تبعا للخفاء والجلاء؛ منها القياس الجلي، والقطعي، والأولوي، ونفي الفارق، والمساوي، والأدون، والمعنى، والشبه، والعكس، والدلالة، والخفي، والمرسل، هذه أشهرها، ويندرج بعضها تحت بعض، وقسموه أقساماً، وجعلوه مراتب تعود كلها إلى العلة، ونجد أحد أنواع القياس : "القياس الجلي" من أوسع الأقيسة معان، اختلف علماء الأصول في حده، وضبطه، حتى وصل إلى سبعة معان بعد التتبع والاستقراء؛ فأطلقه الأصوليون على القياس الأولوي، والقياس في معنى الأصل، والقياس القطعي، وقياس العلة، وعلى قياس العلة والشبه معا، والقياس كله مقابل الاستحسان، وما ينقض به قضاء القاضي إذا خالفه، وأقربها: القياس الذي قطع بعلته، أو ظن ظن غالب، دون منازعة قوية، وربما حصل تداخل وتتشابك بين هذه المعاني، وآثارها الأصولية، التي من أهمها: تداخله مع القياس القطعي؛ فكل قياس قطعي قياس جلي ولا عكس، والنسخ بالقياس الجلي، والتخصيص به، واستناد الإجماع إليه،ونقض قضاء القاضي إذا خالفه، وتعارضه مع القواعد الشرعية الكلية .