وظيفة المحدث "دراسة حديثية في الحدود والاستحقاقات"
الملخص
يعد دور المحدث ومهمته في علوم الشريعة من أشرف العلوم وأهم الأدوار، لأن وظيفته هي الحكم على النصوص وفرز صحيحها من ضعيفها، ولا يستقيم دور أي متخصص أو مشتغل في علوم الشرع إلا بعد فراغ المحدث من مهمته؛ فمن ثم يشتغل الأصولي في قراءة دلالة النص وحركته، والفقيه في فهمه والتفقه في مسائله، وهكذا يتوالى دور العلماء المتخصصين بعد انتهاء دور المحدث، وعليه فلا مناص من تجلية هذا الدور وبيان حدود ووظيفته، وقد سعيت جهدي في هذا البحث ببيان ذلك، وقد أوضحت أن دور المحدث يتمثل في أمرين لا ثالث لهمها: أولهما: إعادة الإسناد إلى صورته الأصلية، وثانيهما: تصحيح الإسناد والحكم عليه، لكن لا يمكن له أن يقوم بهذا الدور الشريف حتى يتأهل عبر مجموعة من الاستحقاقات، وهي معرفة أئمة هذا الفن ومعرفة منازلهم في العلم ، وتصور مستوى إدراكهم لمرامي هذا العلم وغاياته، ومعرفته بمصطلحات الأئمة وتعبيراتهم، واللغة المحكية بينهم عند حديثهم عن هذا العلم، حتى يكون على دراية تامة بمقاصدهم، فلا يعترض عليهم بما لايصلح - علمياً -أن يسمى اعتراضاً، وكذلك معرفة المحدث لتاريخ هذا العلم من جهة الجانب الاصطلاحي فيه؛ لأن المصطلح هو لسان هذا العلم، فمن لم يعرف المصطلح فلا يستطيع أن يتحدث أو يفهم هذا العلم، وكذلك لابد للمحدث أن يعرف القدر الواجب من فقه النص؛ لأن تفقه المحدث في مضامين النصوص يعينه على ضبط النص وسلامته من الشذوذ والمخالفة .