سقوط المسؤولية الجنائية "دراسة فقهية"
الملخص
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، أما بعد:
فيأتي هذا البحث ليسلط الضوء على حالات سقوط المسؤولية الجنائية، دراسة فقهية، ولا شك بأنه يعد من المواضيع المهمة في عصرنا هذا؛ نظراً لكثرة الخصومات والمنازعات التي تقع فيه، خاصةً مع كثرة حوادث الاعتداء على النفس أو ما دون النفس، أو الوقوع في الحدود.
وعلى ذلك فإنه إذا ارتكب أحد أفراد المجتمع جريمة ما، وثبتت إدانته خضع للعقاب الذي قرره المشرع لهذه الجريمة، ووجب عليه كذلك التعويض عن الضرر الذي ألحقه بالغير؛ لأنه لا يجوز له أن يعتدي على غيره.
ولا بد من الإشارة إلى أن العقوبة في ذاتها أذى ينزل بالجاني زجراً له، فهي من الناحية الذاتية ضرر في ظاهرها، فقتل رجل قاتل هو أذى له، ونقص من عدد الأمة، فإذا كان قد نقص عدد الأمة واحداً باعتدائه، فقد زدنا النقص واحداً آخر بالقود منه ([1])، وفي الوقت نفسه فهي رحمة للمجتمع.
كما تم في هذه الدراسة بيان مدى قدرة الجاني أو كل مَن يتحمل تبعة المسؤولية الجنائية أن يسقط المسؤولية عن نفسه، وقد تناولت ذلك دراسة فقهية.
ويعد من أبرز حالات سقوط المسؤولية الجنائية:
الدفاع الشرعي (دفع الصائل)، الضرورة الشرعية، الإكراه الملجئ، وجود الإذن من الإمام، رضا المجني عليه، تنفيذ أمر الشارع، عدم التعدي، الصغر (عدم الأهلية)، السّكر، وتناولت كذلك الأمراض النفسية والعقلية وأثرها على المسؤولية الجنائية، وكذلك الاضطرابات النفسية التي تصيب المرأة بعد الولادة وأثرها على المسؤولية الجنائية.
([1]) الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي، الإمام محمد أبو زهرة، دار الفكر العربي-القاهرة، 2006، ص17.