(أحكام نفقة الزوجة العاملة)
الملخص
أمَّا بعد: فإنَّ من محاسن شريعة الإسلام المباركة ومميزاتها: أنها عامةٌ شاملةٌ لأحوال المكلَّفين في عباداتهم، وأخلاقهم، ومعاملاتهم في كل زمان ومكان، ومما جاءت بتنظيمه على أحسن الوجوه وأتمها: العلاقة بين الزوجين، فقد أسستها على قواعد المودَّة والرحمة، والتعاون والتكافل، وجعلت لكلِّ واحدٍ منهما حقوقاً على الآخر مقابل ما أنيط بكلٍّ منهما من الواجبات،كلٌ بما يتناسب مع طبيعته ومقدرته، حسب ما يقتضيه علم الله تعالى، وحكمته البالغة، وموضوع (أحكام نفقة الزوجة العاملة في الفقه الإسلامي) مشغلٌ بالي من زمنٍ بعيد، وأخيراً قمتُ ببحثه، وحرصتُ غاية الحرص على إيفائه حقَّه، وحصر مسائله بما له ارتباطٌ واضحٌ بعنوان البحث، وحاولتُ جاهداً: بيان الأقوال في المسائل الخلافية، وعرض الأدلَّة والتعليلات لكلِّ قولٍ، ومناقشة ما ورد عليها، أو على بعضها من المناقشات، متحرياً الإنصاف والموضوعية قدر الإمكان، ومبيناً القول الراجح حيث ظهر لي دليل ترجيحه، ورغم ذلك لا أدعي كمالاً، ولا قريباً منه؛ لأنَّ عمل البشر يبقى عرضةً للنقص والخلل، وربما الوقوع في الزلل، مهما تحرَّى المتحرِّي للصواب والكمال، ورحم الله القائل:
فإن تجد عيباً فسدَّ الخللَ *** فجلَّ من لا عيبَ فيه وعلا.