الملخص
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:
فقد تم في هذا البحث دراسة مسألة: (جمع عثمان t للقرآن)، وأسباب ذلك الجمع ومميزاته، واللجنة التي قامت بهذا العمل العظيم، ومنهجها في الجمع، وعدد المصاحف التي كتبوها، والأمصار التي وُجِّهت إليها، والقراء الذين تولوا الإقراء بمضمون تلك المصاحف في هذه البلدان.
كما عالج البحث قضية هامة وشائكة وهي: اشتمال المصاحف العثمانية على الأحرف السبعة من عدمه، وتحرير الأقوال في ذلك وتأصيلها، ومناقشة الآراء وتحليلها، والترجيح بين تلك الأقوال على أساس علمي مقبول.
كما استعرض هذا البحث العلاقة بين العرضة الأخيرة للقرآن قبل وفاة النبي r وبين الجمع العثماني، ووجوه الارتباط بينهما.
وتكمن مشكلة البحث في أن اشتمال المصاحف العثمانية على الأحرف السبعة أمر طال الخلاف فيه قديما وحديثا حتى صار طرائق قددا، وتشعبت فيه الآراء تشعبا واسعا يعيق الجمع بين تلك الأقوال تحت مظلة واحدة. كما أن مقارعة أصحاب الآراء- في الأحرف السبعة- من الأئمة الجلة، والعلماء الثلة، والاعتراض على ما ذكروه ومناقشتهم أمر ليس بالهين، فاللهم عونك.
وقد كان من أبرز النتائج التي توصل إليها هذا البحث: أن المصاحف العثمانية مشتملة على جميع الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن مما استقر بالعرضة الأخيرة، لم يهمل من ذلك حرف، ولم تلغ قراءة، ولم يمنع وجه، وأن ما نُسِخ من بعض هذه الأحرف بالعرضة الأخيرة قد خرج من دائرة القرآنية، فلا يقرأ به على سبيل التعبد، ولا يصلى فيه، وأن عثمان t لم يكن ليُقْدِمَ على منع الأمة من القراءة بحروف أنزلها الله تعالى وأباح القراءة بها، خاصة بعد أن قرأ بجميعها رسول الله r وأقرأ، وأخبر أن كلها شاف كاف، وكلها حق وصواب من عند الله، سيما وقد عارض جبريلَ بما استقر منها بالعرضة الأخيرة مرتين قبل وفاته، وأنه يتعذر مع تلك الوجوه الأدائية المتنوعة واللغات الثابتة في القرآن وقراءاته أن يقال: إن الجمع العثماني كان على حرف واحد، مهما كان مفهومنا لمعنى الأحرف السبعة.