الملخص
ظهرت بوادر الدعوة إلى تجديد علم الكلام في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي, وقد حمل راية الدعوة إلى التجديد جماعة من رواد النهضة الإصلاحية الحديثة, وكان دافعهم لذلك الحرص على عقائد المسلمين من أن يمسها شيءٌ من لوثات وشبهات الفلسفة الغربية الحديثة, فتصدوا للنوازل العقدية التي كانت نتيجة ظهور فلسفات جديدة في الفكر الغربي.
غير أن المفارقة تكمن في بروز مثقفين إيرانيين نشطوا في البحث والتأليف في مجال علم الكلام الجديد, وبعد فحصه والكشف عن بنيته ومنطلقاته فإذا به لا يمت بشعار تجديد علم الكلام عند الإصلاحيين بصلة, ذلك أن الباحثين الإيرانيين إنما قاموا باستيراد منهجيات الإلهيات المسيحية واللاهوت البروتستانتي الحديث, وفرغوه من المحتوى المسيحي وأبدلوه بالمكون الإسلامي, فسموا عملهم ذلك بـ"علم الكلام الجديد", وقد انطلقوا من تصورات مختصة تجاه الدين, فكان عملهم بذلك إخضاع الدين لمقولات الحداثة, واستخدموا نفس الأدوات المنهجية التي استخدمها المتألهون الفلاسفة الغربيون تجاه كتابهم المقدس, والنتيجة من ذلك أن فرغوا الدين الإسلامي عن محتواه, وأضحت عقائد المسلمين وشرائعهم قابلة للتجدد والتحديث وفقاً لمتطلبات ما تنتجه الحضارة الغربية.
-